من سحب الاعتراف ب“البوليساريو”الى الاعتراف بمغربية الصحراء وفق القانون الدولي -فتح 15قنصليات-

بفضل السياسة الملكية الاستراتيجية الحكيمة والبراكماتية عرف ملف الصحراء المغربية دينامية إفريقية غير مسبوقة في الأسابيع القليلة الماضية اكدت سيادة المملكة المغربية على أقاليمها الجنوبية، بعد افتتاح الثلاثاء الماضي بمدينة العيون قنصليتين إفريقيتين جديدتين، وذلك في أقل من أسبوع على افتتاح ثلاث دول من القارة الإفريقية قنصليات لها بالداخلة. عزم هذه الدول الافريقية افتتاح هذه القنصليات في هذا الوقت بالذات له دلالاته السياسية والرمزية بعد دخول المفاوضات الى النفق المسدود نتيجة تعنت الجزائر ورغبتها تصدير أزمتها الداخلية نحو المغرب.

وبافتتاح قنصليتي دولتي إسواتيني وزامبيا بمدينة العيون هذا الأسبوع  قد تكون عاصمة الصحراء المغربية عرفت افتتاح ثامن تمثيلية دبلوماسية خلال مدة اقل من السنة تمثل كل من دول: جمهورية جزر القمر المتحدة، والغابون، وساو تومي وبرنسيب، وإفريقيا الوسطى، وكوت ديفوار، وبوروندي، وصولاً إلى قنصليتي إسواتيني وزامبيا.مقابل تدشين سبع قنصليات بمدينة الداخلة تمثل دول جمهورية بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو، وقبل ذلك تم افتتاح قنصليات دول غامبيا، وغينيا، وجيبوتي، وليبيريا، ليصل بذلك العدد الإجمالي للقنصليات الإفريقية بالصحراء المغربية إلى 15 هيئة دبلوماسية تمثل 15 دولة افريقية .

وبعد افتتاح عدد من القنصليات بالأقاليم الجنوبية اصيبت الجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية بصدمة دفعت الجزائر الانفصاليين القيام بتحركاتها الاستفزازية بمعبر الكركرات الحدودي لهدف انطولوجي اصبح متجاوزا خصوصا بعد تزايد اعتراف الدول الإفريقية بالسيادة المغربية الكاملة على الأقاليم الجنوبية واكتشاف حقيقة ‘’الجمهورية الوهمية’’ التي خلقتها الجزائر على أراضيها زمن الحرب الباردة والتي أصبحت تمثل اليوم عبئا ثقيلا ماليا وسياسيا وعسكريا على الجزائر في ظل المتغيرات الجيو سياسية التي تعرفها المنطقة والعالم.

تغيرات تفاعل معها المغرب بذكاء وبرؤية عميقة جسدتها السياسة الحكيمة والواقعية والبراكماتية لجلالة الملك اتجاه الدول الافريقية،تحولت معها المملكة قبلة للدول الافريقية التي أصبحت مرجعا لهذه الدول للاستفادة منها في كثير من الاوراش المفتوحة بها سياسيا وحقوقيا واجتماعيا واقتصاديا .

-1-ابعاد فتح قنصليات إفريقية في الصحراء: تتعدد القراءات وتختلف المقاربات لكنها كلها تتفق بكونها خطوات رمزية لتكسير جمود الوضع بسبب تعنت الجزائر منذ اكثر من اربعين سنة واقتناع هذه الدول بالسيادة المغربية على الصحراء .وهي خطوات تشير إلى أن  الدول الإفريقية لم تعد تكتفي بسحب الاعتراف بجبهة “البوليساريو”الوهمية،بل اصبحت تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء من خلال خطوات قانونية، مثل فتح قنصليات تعزز العلاقات الثنائية بممارسات دبلوماسية تخضع للقانون الدولي، وأساسا، أسس اتفاقية “فيينا” المنظمة للعلاقات القنصلية بين الدول لسنة 1963، التي تنص على أن إنشاء العلاقات القنصلية يكون بين الدول يتم بالرضا المتبادل وفق الفصل الأول من الاتفاقية .وفي الحالة المغربية، فإن الاتفاق بين هذه الدول الافريقية والمغرب على فتح قنصليات فيه اعتراف وتأكيد للسيادة المغربية على الصحراء حسب القانون الدولي واتفاقية ‘’فيينا’’ التي تنص على ان فتح قنصليات يتم بين الدول المستقلة لحماية مصالح مواطنيهم في البلد المضيف،وتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وتمتين علاقات الصداقة بين الدولتين، علاوة على وظائف أخرى مثل الاستعلام بكل الطرق المشروعة وغيرها. .

بيد أن الملاحظ هو أن الدول الإفريقية التي فتحت لها قنصليات في الصحراء حتى الآن، دول تدخل في خانة الدول الافريقية التي كانت لها علاقات متميزة مع المغرب وليس لها وزن اقتصادي وسياسي في القارة الافريقية اللهم البعض منها ، لكن افتتاح قنصلياتها بقلب الصحراء المغربية له دلالاته الرمزية والإشعاعية لسيادة المغرب على صحراءه، الامر الذي يتطلب من الدبلوماسية المغربية التحرك بنفس القناعة والوتيرة نحو دول افريقية أخرى أكثر تأثيرا افريقيا ودوليا لفتح بعثات دبلوماسية لها في الصحراء مثل قرار دولة الامارات فتح قنصلية لها بالعيون ،هذا القرار الذي جاء ثمرة عمل طويل واتصالات كثيرة ومكثفة اكدها مضمون بلاغ الديوان الملكي يوم أمس الثلاثاء بعد الاتصال الهاتفي بين الملك محمد السادس وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان ، لتصبح بذلك الإمارات أول دولة من خارج القارة الإفريقية تعلن عن افتتاح قنصلية لها بمدينة العيون وبذلك ستكون الإمارات العربية المتحدة الدولة رقم 16 التي تفتتح قنصلية لها بالأقاليم الجنوبية للمملكة وأول دولة خليجية تقوم بهذه الخطوة، ما سينقل الربط الديبلوماسي للصحراء المغربية من جغرافيا القارة الافريقية إلى آسيا وتحديدا منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي  الأمر الذي دفع جلالة الملك وصف خطوة الامارات بـ"القرار التاريخي الهام الداعم للوحدة الترابية للمملكة على هذا الجزء من ترابه، خاصة وأن الإمارات شاركت في المسيرة الخضراء المظفرة"

فتح الامارات ‘’قنصلية لها بالعيون سيضع حدا لسوء فهم عابر استعملت فيه الإمارات الصحراءَ كورقة ضغط على المغرب خلال فترات متقطعة من الأزمة التي طفت على السطح منذ سنة 2017، حيث سبق لقنوات ومنابر إعلامية مستقرة على أراضيها وتحظى أيضا بتمويل سعودي، أن نشرت تقارير تفصل الأقاليم الجنوبية عن خارطة المملكة أو تسمي هذه المنطقة بـ"الصحراء الغربية" وتشير إلى أنها "متنازع عليها" مع البوليساريو، وهي العبارات التي لم تكن تتبناها قبل’’ ذلك كما جاء في موقع الصحيفة.

-2-من دبلوماسية سحب الاعتراف الى دبلوماسية افتتاح القنصليات: مبدأ المغرب من السيادة على صحراءه ثابت ، لكن مقارباته تتغير وتتميز بالمرونة والواقعية والبراكماتية جعلت الجزائر تشعر بالدوران والسعار خصوصا بعد توالي افتتاح قنصليات الدول الافريقية بالداخلة والعيون عمق الصحراء المغربية، بكيفية تصاعدية اكسبه فتح الإمارات قنصلية بالعيون زخمًا رمزيا قويا لأهمية الخطوة الإماراتية، فأبوظبي تمتلك وزنا استثنائيا بمنطقة الخليج  قاريا دوليا، وتشكل محورا أساسيا في التوازن الإقليمي بالشرق الأوسط وبشمال افريقيا والخليج العربي ، لذلك اعتبر جلالة الملك قرار الامارات افتتاح قنصلية  بالعيون بالتاريخي.

لذلك يعكس افتتاح القنصليات بالصحراء استراتيجية المغرب الجديدة لطي ملف الصحراء وهي دعوة الدول بعدم الاكتفاء بسحب الاعتراف من الكيان الوهمي الى ضرورة افتتاح قنصليات بالصحراء كمقاربة دبلوماسية لتعزيز السيادة المغربية على الصحراء وفق اتفاقية مبادئ فيينا لسنة 1963 واسس القانون الدولي .

‎ومن  المرجح ان تفتتح دول افريقية وعربية وامريكية وأوروبية أخرى  قنصليات أخرى لإقرار  السيادة المغربية على اقاليمه الجنوبية وإن كان فتح قنصلية في دولة  هو إقرار بسيادتها على الإقليم، بحسب القانون الدولي، خاصة اتفاقية

فيينا ، وان  كانت قضية سيادة المغرب قانونيا أو إداريا على الصحراء محسومة، لكن افتتاح هذه القنصليات هو تأكيد لهذه السيادة خصوصا بعد افتتاح الامارات قنصلية لها بالعيون بعد ان اصبحت للإمارات وضعا مهما في التوازنات الإقليمية والدولية.

اكيد ان منهجية دبلوماسية القنصليات التي يتبعها المغرب اليوم كانت من ورائها الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك كما جسدها خطاب جلالته بالقمة 29 لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا قائلا: ‘’لقد كان الانسحاب من منظمة الوحدة الإفريقية ضروريا: فقد أتاح الفرصة للمغرب لإعادة تركيز عمله داخل القارة، ولإبراز مدى حاجة المغرب لإفريقيا، ومدى حاجة إفريقيا للمغرب’’.

صحيح منهجية دبلوماسية القنصليات بدأت تاتي اكلها على ارض الواقع، لكنها ليست هدفا  في حد ذاتها بل وسيلة بحاجة للتطوير وللتقويم وللتقييم لطي ملف الصحراء الذي طال اكثر من اللازم وان كان كل شيئ يجري  اليوم لصالح المغرب لانه صاحب حق وصاحب شرعية.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تعليق 1
  1. محمد الكامل يقول

    ان عرب المشرق هم اهل فتن وحروب وخديعة ولبست الامارت هذا الثوب وتجاج الخسة وهي بقدومها الى المغرب العربي انما هي مقدة اليهود ونزل بلائهم فالحذر الحذر من شر قد اقترب بلادنا الحبية بمغربها وجزائرها واقطارها ولرفع شعار المغرب للمغاربة